جديد الصور
جديد البطاقات
جديد الجوال
جديد الفيديو
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
|
24-10-13 01:33
المنامة في 23 أكتوبر/ بنا /كتب ـ محمد شحات عبد الغني /
توصف المؤسسة التشريعية في أية دولة باعتبارها الوسيط القادر على نقل هموم الناس إلى الأجهزة التنفيذية، وتعد إحدى أهم الوسائل لاستيعاب واحتواء مطالب الرأي العام، بل وتمثل الآن الأداة المثلى لتلبية احتياجات الجماهير والوفاء بالاستحقاقات المُناطة بالحكومات وتحويلها إلى حقيقة على أرض الواقع..
بيد أن هذا الدور المتعاظم للمؤسسة التشريعية لا يقتصر على ما سبق وذُكر فحسب، خاصة أن هذه المؤسسة وبحكم طبيعة تكوينها وبنيتها القانونية والبيئة التي تتحرك فيها وحجم الأعمال المُناطة بها، يمكن أن تفتح الباب واسعا أمام تقدم هائل في دعم البناء الدستوري للدول، بل ويمكن أن تقودها إلى آفاق أرحب في خطواتها نحو التقدم على الصعيد الديمقراطي، كما يمكن أن تعزز من مسيرتها التنموية في شتى المجالات، لا سيما منها الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن السياسية بالطبع..
وقد أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه على هذه المعاني العظيمة خلال مناسبتين مهمتين شهدتهما المملكة مؤخرا، الأولى عندما تسلم سموه التقرير السنوي لأعمال مجلسي النواب والشورى لدور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث، والثانية خلال حفل افتتاح دور الانعقاد الرابع للمجلس الوطني بالأمس، والذي أشار فيه سموه إلى تلك الحقيقة الماثلة، وهي أن خبرة وإنجاز الدورات السابقة للمجلس الوطني، التشريعية منها والرقابية، والتي وردت مفصلة في التقريرين المذكورين، تؤهله لمزيد من الفاعلية في دور الانعقاد الرابع والأخير لهذا الفصل التشريعي، وكما أمِله العاهل المفدى، وتعول عليه الكثير من المؤسسات والمواطنين لإنجاز عدة مشروعات قوانين وتمرير ملفات هم بأمسَّ الحاجة إليها في الفترة المقبلة.
وقد أجمل جلالة الملك المفدى في كلمته هذه المعاني بالقول موجها خطابه لنواب الشعب "إن مجلسكم التشريعي سيظل الركن الأساسي في مسيرتنا الإصلاحية"، في تأكيد واضح على الدور المنشود والمنتظر من المجلس الوطني القيام به خلال المرحلة القادمة، والذي يرنو إليه الكثيرون وينتظرونه بشغف، وذلك للوفاء باستحقاقات باتت أشبه بضرورات ملحة سواء لتسيير دولاب العمل العام في المواقع المختلفة، أو للتعاطي مع التحديات التي تواجهها المملكة على الصعد الاقتصادية والأمنية، إضافة إلى السياسية.
واقع الأمر أن هذه الكلمات السامية التي لا غنى عنها في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة، تكتسب أهميتها من اعتبارات عديدة يتعلق بعضها بالظروف التي تمر بها المملكة، والتي تحتاج فيها إلى كل جهد مخلص، مثلما أكد جلالته، وذلك لتدعيم مسيرتها وخططها في النهوض والارتقاء، ويتعلق بعضها الثاني بالخطوات التي يتعين على البحرين أن تخطوها في الفترة المقبلة حتى تدخل مرحلة جديدة من مراحل مشروعها الإصلاحي الذي يسير بوتيرة منتظمة ووفق خطط مدروسة، بينما يرتبط بعضها الآخر بالدور المناط بالمؤسسة التشريعية الوطنية ذاتها، والتي تعمل بدأب واستمرار لتعزيز حضورها وتواجدها على الساحة، وهو ما أشاد به جلالة عاهل البلاد المفدى في ثنايا خطابه السامي، مثلما سيتضح في الفقرات القادمة.
وتتجلى هذه الاعتبارات الثلاثة بوضوح عند قراءة مفردات الخطاب الملكي والأفكار التي تضمنته، خاصة بعدما أعاد جلالته التأكيد على أهمية "النقاء الوطني للتجربة البحرينية الأصيلة" في الإصلاح، وذلك في وقت يحاول البعض فيه تهديد هذه التجربة بممارسات أقل ما توصف به بأنها خيانة لهذا الوطن وشعبه الكريم، ممارسات وصفها جلالته في خطابه بـأنها "تستوحي توجهاتها من مصادر غريبة" عن تراب هذا الأرض، وتحاول الإخلال بالأمن العام وتهدد الاستقرار وما تحقق من إنجازات تنموية على أرض الواقع، ممارسات كانت ولا زالت تستهدف مكتسبات المواطنين في الإصلاح والتنمية، والتي "ستبقى الهدف الأسمى" الذي تعمل القيادة الرشيدة لأجله دائما حسبما ذكر جلالته.
ويكاد يكون ملفتا إشارات جلالته المحورية إلى مقومات نجاح التجربة البحرينية في الإصلاح، سيما منها ما يتعلق بانفتاحها على العالم ومواكبتها له وتقبلها لكافة الآراء والاجتهادات الوطنية، حيث لم يغب عن بال جلالة العاهل المفدى حقيقة التحديات الراهنة التي تواجه هذه التجربة ومكتسباتها، والتي لم يكن لها من سبيل لتحقيقها إلا من خلال إشاعة الأمن والاستقرار في ربوع المملكة، مشيدا في هذا الصدد بدور رجال قوة الدفاع وحفظ النظام.
وقد أبرز جلالته هذه التحديات والأخطار معتبرا أن السبيل الوحيد لمواجهتها يتمثل في "الوحدة والتوافق الوطني" باعتبارهما من أركان الاستقرار الأساسية، وأنهما سيؤديان إلى "مزيد من التطوير والإصلاح"، وهي إشارة واضحة إلى أن "الحوار" الهادئ والرصين كان وسيظل أحد الاشتراطات الجوهرية لمواصلة عمليات التحديث التي شرعت فيها المملكة بقناعة ذاتية ودون ضغوط أو إملاءات من الخارج وقبل التحولات التي يشهدها العالم العربي حاليا.
ولم يكن غريبا أن يعيد جلالته التذكير بأن ما تحقق في المملكة ليس سوى لبنة صغيرة في بناء كبير تسعى المملكة لتشييده على أسس راسخة وتجسيده حيا في الأذهان والقلوب وعلى أرض الواقع، وأن هناك خطوات ضرورية لابد من اتخاذها مستقبلا في إطار استراتيجية المملكة للدفاع والأمن الوطني، وذلك لاستكمال ما شرعت فيه البلاد من إصلاح وتطوير ولضمان غد باهر مشرق لهذا الوطن وشعبه الكريم..
وقد بدا هذا المعنى حينما نوه جلالته بالدور الذي قام به المجلس الوطني في "تحويل مرئيات حوار التوافق الوطني إلى واقع ملموس" بعد إقرار التعديلات الدستورية، والتي يمكن القول إنها لن تؤتي ثمارها المرجوة إلا بعد أن تواصل المؤسسات المختلفة، وعلى رأسها المجلس، عملها في تعزيز أركان الصرح الوطني بمزيد من الخطوات التي تسهم في تطوير تجربته الديمقراطية واتخاذ ما يلزم لتكريس هذه التعديلات على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، ركز جلالة الملك المفدى على ما يمكن وصفه بالدور البارز للمجلس الوطني الذي قام به "وتحمله بكل أمانة وصدق" في تطوير تجربة الإصلاح البحرينية، خاصة إثر "زيادة الصلاحية الرقابية للمجلس المنتخب وتفعيل مبدأ المساءلة السياسية ودعم الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية"، كما أثنى جلالته على الجهد المبذول من جانب الحكومة الموقرة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وبمساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وهي الأمور التي ستكون بالتأكيد في المستقبل القريب مدعاة لمزيد من الخطوات وتحقيق الإنجاز ورفع معدلات النمو في جميع المجالات.
ولعل هذا الثناء السامي على جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية إنما يأتي تعبيرا عن أهمية مسار التعاون المشترك الذي تبنته السلطتان لتوحيد نهج عملهما في الفترة المقبلة، خاصة أن هذا التعاون أضحى أمرا بديهيا لابد من السير فيه وخوض معتركه لمواصلة التطوير والرقي، وأنه من المهم الوقوف بجانب مثل هؤلاء الـ "مخلصين" من الرجال والنساء الذين سخرهم المولى عز وجل لهذا البلد والشد من أزرهم للتصدي لكل من "أراد المس بقيمنا ووحدتنا الوطنية" على حد وصف جلالة العاهل المفدى.
لقد جاءت هذه الكلمات في وقت أحوج ما تكون فيه البلاد إلى مثل هذه التوجيهات الرفيعة، ويبدو هذا الأمر مهما في الوقت الراهن، بعد أن زادت أعباء العمل على المؤسسة التشريعية الوطنية، وتنامت أدوار مؤسسات أخرى، وربما يكون ذلك على حسابها، سواء بحكم الموارد التي قد لا تتوفر لها قياسا بأخرى، أو بحكم الملفات التي تقع عاتقها والمطالبات التي تُطالب بها من جانب الناخبين، الأمر الذي بات يتعين معه العمل من أجل استعادة قوة وتأثير المجلس الوطني وتزويده بالموارد والكفاءات والخبرات اللازمة ليكون أكثر قدرة على الأداء والإنجاز وبما يسهم في خير هذا الوطن، خاصة مع حجم جدول الأعمال المُنتظر أن يُطرح على المجلس في الشهور القليلة القادمة، وهي القضية التي شدد عليها جلالة العاهل البلاد المفدى عندما أكد في صدارة كلمته على أن المجلس الوطني "سيظل الركن الأساسي في المسيرة الإصلاحية".
ولا يخفى هنا محورية دور المجلس الوطني بغرفتيه في رسم وصياغة ومتابعة خطط وبرامج العمل التي يُنتظر أن تنفذها الأجهزة الحكومية المختلفة خلال الفترة الزمنية التي سيستغرقها دور الانعقاد القادم، إذ سيكون بمقدوره بحكم ما يملكه من صلاحيات أن يسرع من وتيرة العمل داخل المشروعات الاستراتيجية الكبرى، خاصة أن له وحده اليد العليا في توفير المخصصات المالية الموجهة للإنفاق العام، كما أنه يملك الوسائل الرقابية الكفيلة بتنفيذها والإشراف عليها، فضلا عن قدرته على الإسراع في توفير البنى التنظيمية من قوانين ولوائح وغيرها التي ستسير وتعمل وفقا لها المؤسسات المختلفة، الأهلية منها والحكومية.
خدمات المحتوى
|
تقييم
|
|