سقطت الثورة أو لم تسقط، ليس هذا المهم في ذكرى الخامس والعشرين من يناير في مصر، الثورة التي أسقطت نظام الرئيس حسني مبارك وما جاء بعدها من أحداث كلفت الخزانة المصرية وكلفت الاقتصاد المصري، وخرج علينا تجار الكلام المشبوهون من أكثر من مكان يذرفون دموع التماسيح على الثورة المصرية التي ضاعت من وجهة نظر بعضهم، وعلى الذين يعتبرونهم ثوارا، رغم أن الشارع المصري لعنهم واعتبرهم عملاء.
الشيء الذي يربط غالبية المتباكين على الثورة المصرية أنهم غير مصريين وأن معظمهم من المقيمين في لندن وغيرها من عواصم المال والخبز، وهم يتحدثون عن مصر، وكأن مصيرها يعنيهم أكثر من المصريين أنفسهم!
هؤلاء الكتاب ينسون أن مصر تعد الوحيدة من بين دول الخراب العربي التي بقيت على الخريطة حتى الآن، ونسوا أن الأزمات الاقتصادية التي يتحملها المواطن المصري الفقير، نتيجة أعوام الاضطراب وتفكيك مؤسسات الدولة وإعادة بنائها، ونسوا ما هو أهم، وهو أن كل ما جرى في مصر تم بأيدي المصريين، وأن الاستحقاقات التي تم الانتهاء منها بعد الثورة الأولى والثانية صنعها المصريون بمحض إرادتهم، فالمصريون هم الذين خلعوا مبارك، والمصريون هم الذين انتخبوا مرسي الإخواني، وهم الذين ملأوا شوارع مصر ليخلعوه مرة أخرى، وهم الذين انتخبوا عبدالفتاح السيسي بأغلبية لم تحدث في تاريخ مصر، وهم الآن يعيشون تجربتهم التي صنعوها بأيديهم، وبعد انتهاء فترة رئيسهم الحالي، لهم أن يقرروا ما يريدون.
فلمصلحة من يمارس هؤلاء الكتاب حملاتهم على مصر؟ هل هم يعرفون مصر ويخافون عليها أكثر من المصريين؟
الكتاب الحريصون على عدم استقرار مصر هم بلا شك حريصون على عدم استقرار الأمة كلها، والذين يتساءلون: هل ماتت الثورة المصرية، نقول لهم: شكر الله سعيكم، ماتت الثورة أم لم تمت، مات الثوار أم لم يموتوا، ليس هذا المهم، ولكن المهم أن مصر لم تمت. وللذين يقولون: يسقط حكم العسكر، نقول لهم عاش العسكر طالما أنهم حافظوا على بقاء دولتهم على الخريطة، وطالما أن دولتهم بقيت على الخريطة فهذه هي المعجزة وما دونها من أشياء أخرى هي تفاصيل لا قيمة لها.