جديد الصور
جديد البطاقات
جديد الأخبار
جديد الجوال
جديد الفيديو
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
|
17-04-14 07:35
المرض مثله مثل الإرهاب والجريمة، فهو يطور نفسه ويفاجئ الناس بالجديد كلما ظنوا أنهم استطاعوا السيطرة عليه واخترعوا ما يمكنهم من السيطرة عليه ومحاصرته، وكلما تطور العلم والتكنولوجيا الطبية ووسائل الفحص والعلاج، كلما تحدتها الفيروسات والكائنات التي لا يعلمها إلا الله.
فمنذ سنوات جاء مرض أنفلونزا الطيور، وقام العالم كله ليبحث عن علاج وطرق للوقاية وانطلقت وسائل الاعلام تلقي في قلوب الناس الرعب، وانبحت حناجر المذيعين من كثرة ترديد أخبار الاصابات وأعداد المتوفين الذين نجو من الموت بسبب هذا المرض الجديد، وتأثر أداء الناس في أعمالهم وأصيبوا بالكوابيس أثناء نومهم.
ثم استطاع العالم السيطرة على المرض ومحاصرته خصوصا في الدول الكبيرة ذات الامكانيات المادية والعلمية الكبيرة، وتوقفت وسائل الاعلام عن الحديث عن المرض وفقدت اهتمامها به، خصوصا بعد أن زال الخطر عن شعوب الدول المهمة.
ولكن قبل أن ينسى الناس انفلونزا الطيور، كما نسوا الطاعون والكوليرا، جاءنا جيل آخر جديد من الأنفلونزا أطلقوا عليه أنفلونزا الخنازير، على اعتبار أن سلالته انتقلت إلى الانسان عن طريق الخنازير في البداية،وكره الناس كلمة خنازير، وقامت بعض الدول بالتخلص من الخنازير، ورفعت مطارات العالم درجة استعدادها إلى الحالة القصوى لكي تتحرى المرض بين القادمين وتحافظ على مواطنيها واقتصادها وأمنها القومي، وعاش العالم وقتا عصيبا، وكنا كلما عطس شخص في الأسرة أصيب الجميع بحالة من الهلع الشديد، وعندما قالت الأخبار إن أجهزة الرصد في مطار البحرين اكتشفت أحد القادمين الأجانب مصابا بارتفاع في درجة الحرارة مات الكثير من الناس من الوهم وليس من المرض.
واختفت أنفلونزا الخنازير، وجاء بدلا منها ثورات الربيع العربي لننشغل بها وينشغل بها العالم لفترة من الزمن، وتموت خلالها أعداد اكثر بكثير من الذين ماتوا بسبب أنفلونزا الطيور والخنازير معا.
وعندما عادت أنفلونزا الخنازير هذا العام، عادت باسم جديد هو الأنفلونزا الموسمية احتراما لمشاعر الخنازير ومربي الخنازير وتجارها، واجتهد الأطباء على شاشات التلفاز من أجل محو تلك التسمية التي تزعج الخنازير من أذهان الناس.
وها نحن الآن، وقبل ان ننساها، مع قدوم الصيف وارتفاع الحرارة، جاءنا مرض جديد يملأ قلوبنا بالخوف، وهو مرض “كورونا” العجيب الذي لا يعرف له سبب أو مصدر، وها هي وسائل الإعلام تدق طبول الحرب وتزيد من تشنجات القولون العصبي لدى الناس.
والحقيقة مهما كانت خطورة أي مرض من تلك الأمراض التي سبقت معرفتها، فإنها تضر بالناس أكثر من المرض نفسه، بسبب الرعب الذي تلقيه في قلوب الناس وبالتالي تتسبب في زيادة الوفيات، دون أن يصاب الناس بالمرض، لأنها ترفع الضغط والسكري لدى المصابين به وتضر جهاز المناعة لديهم.
نحن لا نريد التهوين من قيمة الأمراض، ولكننا أيضا لا نريد التهويل، ونريد تعاملا متعقلا من قبل وسائل الاعلام المختلفة مع هذه الأمراض.
|
خدمات المحتوى
|
بثينة خليفة قاسم
تقييم
|
|
|