كل يوم تتكشف لنا الأمور أكثر وتبين لنا الأحداث إلى أي مدى تعرضت وتتعرض مقدرات الأمة العربية للعبث من قبل أعدائها الكثيرين الساعين للقضاء عليها وتفتيتها من جديد.
إننا بالفعل نعيش حربا حقيقية مع قوى دولية وإقليمية تستهين بشعوبنا ومستقبلنا وتريد أن تستعبدنا، حرب يستخدم فيها الكثير من الأسلحة الخبيثة وتسمى فيها الأشياء بغير أسمائها.
من بين الأخبار المؤسفة التي تؤكد أننا نواجه حربا وأنه يتم استغفالنا كشعوب عربية، ذلك الخبر المشؤوم الذي يقول إن النيابة المصرية وجهت للرئيس المعزول محمد مرسي تهمة إفشاء أسرار تخص أمن الدولة المصرية للحرس الثوري الإيراني.
هل هناك كارثة أكثر من ذلك؟ ثورة قامت وملأت اخبارها العالم وانبهر بها الشرق والغرب ورئيس انتخب من قبل شعبه، ثم تثبت الأيام انه لا يصلح لشيء؟
إذا كان الرئيس المعزول قد أعطى اسرار بلده للحرس الثوري الايراني بسوء نية فتلك مصيبة، وإن كان أعطاها لهم بحسن نية فالمصيبة أعظم، فالاحتمال الأول لا معنى له سوى الخيانة، والثاني لا معنى له سوى السذاجة والغباء وعدم صلاحية الرجل لهذا المنصب ولا لغيره من المناصب.
فهل كان هذا هو الرئيس الذي أنتجته “الثورة” في اكبر دولة عربية؟ هل هذا هو الرئيس الذي أنفقت الإدارة الأميركية ثمانية مليارات من الدولارات لكي تضمن مجيئه إلى كرسي الرئاسة في مصر؟ هل هذا هو الرجل الذي لا يزالون يحاربون من أجل فرضه على الشعب المصري ويقتلون كل يوم رجال الجيش والشرطة في البلاد انتقاما منهم بسبب انحيازهم لإرادة الشعب الذي رفض الإبقاء على رئيس لا يؤتمن على بلده؟
إذا كان خلال العام اليتيم الذي قضاه في الحكم قد أعطى أسرار مصر، وما أدراك ما مصر بالنسبة للدول العربية، فماذا كان سيفعل لو ظل في الحكم أربعة اعوام أو ثمانية اعوام؟
إذا كان خلال عام واحد قد فتح مصر على مصراعيها لكل الإرهابيين الموجودين في كل أركان الأرض، ومكنهم من سيناء، ليقيموا فيها إمارة للإرهاب، فماذا كان سيحدث لمصر إذا استمرت استضافة هذا المرسي المعزول لعتاة الإرهاب ورعايته لهم لعدة اعوام؟
ألا يدفعنا هذا إلى الاستنتاج أن هذه الأمة برمتها تعرضت لمؤامرة كبيرة وأن (الثورات) التي قامت بها قد تم ركوبها وتوجيه دفتها من قبل أعداء الأمة الدوليين والإقليميين؟ أم سيقولون لنا كالعادة إننا نحن العرب دائما نلجأ للمؤامرة لتفسير كل خيباتنا؟