الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية الكبرى بحل ما يسمى بالمجلس العلمائي يضع الدولة البحرينية أمام اختبار مهم في هذه المرحلة الحساسة التي نمر بها، فإما أن تثبت الدولة هيبتها في مواجهة أي كيان دونها، مهما كان السند الذي يدعم هذا الكيان، وإما أن تسمح لهيبتها بالتآكل التدريجي وتفرط في دعامة أساسية من الدعامات التي تقوم عليها أي دولة في العالم.
الدولة تقوم على أسس وقوانين تحترم من قبل الجميع، ومن يخرج على هذه الأسس والقوانين يستحق العقاب، وإذا تم خرق ذلك من قبل أي مكون من مكونات هذه الدولة وسكتت الدولة عن ذلك، فمعناه أنها دولة ناقصة وأنها أقرب إلى النظام القبلي منها إلى الدولة الحديثة التي تقوم على المواطنة وحدها.
الكثير من المواطنين البحرينيين يترقبون موقف الجهات المسؤولة تجاه هذا الحكم القضائي، فلابد أن تقوم الحكومة البحرينية بتنفيذ الحكم دون أي تأخير،خصوصا أنها لم تكن بحاجة لحكم محكمة لكي توقف جميع أنشطة هذا المجلس، ليس لأن المجلس المذكور مارس الطائفية والتحريض وأضر باستقرار البلاد وارتبط بفكره وممارساته وأهدافه بإرادة جهات خارجية لا تريد الخير للبحرين، ولكن لأن المجلس أقيم بإرادة أصحابه دون اعتبار لإرادة الدولة وقوانينها التي تنظم بوضوح الضوابط اللازمة لتشكيل أي كيان أو جمعية.
لا قداسة لأي مؤسسة أو كيان يقام على أساس طائفي ويمارس التحريض على العنف مهما كانت نوعية ومكانة أعضائها، فإما أن نكون دولة ذات سيادة واعتبار وإما أن نتحول إلى الفوضى.
لو تركت الحكومة كل فئة أو طائفة تقيم مجلسا أو أي كيان يدافع عنها وينتقد غيرها ويضفي على نفسه قداسة معينة ويمارس السياسة ويتصرف خارج القانون، فسوف نرى مجالسا ومؤسسات كثيرة ونكون أضحوكة العالم.
فطالما أن هناك مجلس علمائي خاص بالطائفة الشيعية يمارس السياسة وينتقد الدولة ويقوم بإثارة غضب الطائفة ضد الدولة وضد غيرها من أبناء الشعب دون وجه حق، فسوف يظهر مجلس علمائي خاص بالمذهب السني يقوم أيضا بما يقوم به نظيره الشيعي من تسخين طائفي وممارسة للسياسة، وقد يظهر مجلس علمائي مسيحي وبوذي وغيرهم وتزداد الوصفات الأكيدة لتفتيت البحرين.