هل يمكن أن تنجح جولة الحوار الحالية فيما لم تنجح الجولات السابقة؟ أم أن الحوار ليس الآلية التي تناسبنا في البحرين لأننا لا نمتلك مقومات ومتطلبات الحوار الناجح؟.
هل تخلصنا من أسباب الفشل التي نسفت الجولات السابقة وحالت دون اكتمالها؟ أم أن شيئا لم يتغير ولا تزال العقول والقلوب مسكونة بعفاريت الطائفية والمحاصصة والرغبة في تحقيق مصلحة الطائفة على حساب غيرها؟.
الكل يبدأ كلامه برفض الطائفية ورفض هيمنة طائفة على أخرى، ثم تجد ان هذا الكلام مجرد مقدمة تجميلية لحديث الطائفية المقيت وتجد الشخص بعد هذا التمهيد يبدي أسبابا وتطلعات بعيدة كل البعد عن الوطنية وعن مصلحة الوطن، وتقرأ وتسمع تعبيرات كلها غموض والتفاف حول حقائق مرة وواضحة ولا تقبل التجميل.
وليسأل كل واحد منا نفسه هل أنا موجود في هذا الحوار كمواطن بحريني ولا علاقة لمذهبي الديني بما أقوله وأطالب به وأتمناه من الحوار، أم أنني مبعوث هذه الطائفة أو تلك إلى الحوار وأن هذه الجهة قد اختارتني لأنني مقاتل شرس شديد المراس في الدفاع عن أهداف طائفتي ولا يمكن لأي طرف آخر داخل الحوار أن يطويني أو يثنيني عن هذه المطالب أو يجرني إلى حلول وسط لا تناسب تطلعات وأهداف الذين أوفدوني؟ هل أتطلع ان أكون وزيرا او مسؤولا كبيرا في الدولة وأعد نفسي للوصول إلى ذلك من باب التفوق والكفاءة وعلى أساس أنني مواطن بحريني ولا شيء آخر، أم أنني اسعى لأن تحصل طائفتي على وزير أو وزارة؟.
وهناك سؤال آخر مهم يجب أن يسأله لنفسه كل من يهمه ان ينجح الحوار، وهو: إلى اي مدى يتفق معي في مطالبي غيري من أبناء البحرين بمذاهبهم ومشاربهم المختلفة؟ وهل يحق لي أن أتحدث باسم الشعب كله في مواجهة اهل الحكم في البحرين أم ابدي رأيي كمواطن أو مندوب هذه الجمعية او تلك؟.
طالما أننا نتعامل كطوائف ونصر على مطالب طائفية فلن يقدّر للحوار اي نجاح وسوف يتم خنقه من قبل أن يكتمل.
إذا كنا ننادي بالديمقراطية التي يقدسها أهل الغرب، فلنفعل كما يفعل الغرب، ولابد ان تكون المذاهب شأنا يتصل بالعبادات والمعاملات والزواج والطلاق فقط ولا علاقة لها بتقسيم كعكة الحكم والمناصب السياسية في البلاد.
إذا جاء اليوم الذي نتصرف فيه كمواطنين دون أية عناوين جانبية، فسوف نستطيع فيه ان نقيم حوارا جادا ومفيدا حول قضايانا ومشكلاتنا وسوف ييأس أعداؤنا من استخدام ورقة الطائفية في تأجيج نار الصراع فيما بيننا.