كان لي شرف اللقاء بسعادة السيد غانم البوعينين وزير الدولة للشئون الخارجية عقب عدة رحلات مكوكية قام بها لجدة والقاهرة وباكو، ورغم ضيق وقته فقد سمح لي بحديث طويل معه عن رحلاته الثلاث، خاصة رحلته إلى باكو حيث ترأس وفد مملكة البحرين في مؤتمر المانحين لوزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي لدعم الخطة الاستراتيجية لتنمية مدينة القدس الشريف.
وبعد حوار حول أهمية هذا المؤتمر وعن الجهات المشاركة فيه وعن دور مملكة البحرين التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، سألت السيد الوزير سؤالا حول الجهة التي مثلت فلسطين في المؤتمر، قال إن وزير خارجيتها فضلا عن أربع جهات أخرى مثلت فلسطين في هذا المؤتمر. وهذه من - وجهة نظري- مشكلة كبيرة؛ والمثل الشعبي المعروف لدينا يقول: “نوخذاوين طبعوا مركب”، فما بالنا إذا كانوا أربعة؟
والحقيقة المرة التي يعرفها الجميع ولا سبيل لتغييرها، هي أن القضية الفلسطينية على مدى تاريخها دفعت ثمنا غاليا بسبب تفرق أهلها على كل المستويات السياسية والعسكرية.
لقد استفادت إسرائيل كثيرا من الخلاف الذي تحول إلى صراع بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، بخاصة حركتي فتح وحماس وما جرى بينهما بعد أن قررت الأخيرة خوض الانتخابات ونجحت فيها وقامت بتشكيل الحكومة وكانت النتيجة ما رأيناه خلال السنوات الماضية.
لا أعتقد أن التاريخ الإنساني عرف خلافا وشقاقا بين أبناء شعب محتل، على النحو الذي حدث للفلسطينيين، وإذا كانت أربع جهات ذهبت لتمثيل فلسطين في مؤتمر المانحين في العاصمة الأذربيجانية باكو، فلا عجب طالما أن المقاومة الفلسطينية ذاتها تضم ثلاثة عشر فصيلا!
هل هناك مقاومة في العالم انقسمت إلى ثلاث عشرة حركة إلا في فلسطين التي شهدت أسوأ احتلال على مر التاريخ؟
وإذا كانت هناك صعوبة أو استحالة أن تصبح المقاومة الفلسطينية كيانا واحدا لأسباب كثيرة، من بينها تفرق العرب أنفسهم حول القضية الفلسطينية، بل حول معظم القضايا تقريبا، فهل من المستحيل أن يختار الفلسطينيون وفدا واحدا يمثلهم في مثل هذه المؤتمرات؟
الجهات المتعددة تحاول أن تنتصر لذاتها وليس للشعب الفلسطيني كله، لأن هدفها الرئيس هو العمل على سحب البساط من تحت بقية الفصائل، وهذا أمر يضر بالقضية الفلسطينية بشكل كبير.
وطالما طغت الأهداف الانتخابية أو المصالح من أي نوع كان على الأهداف الوطنية، فإن الضحية هو الوطن ولا يمكن أن يستفيد من ذلك سوى الأعداء المتربصين الذين يقومون بدورهم في سكب الزيت فوق النار.