جديد الصور
جديد البطاقات
جديد الأخبار
جديد الجوال
جديد الفيديو
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
|
17-08-12 04:01
انتقلت إلى رحمة الله تعالى ابنة الحد «شميّة»، فقد وافتها المنية يوم أمس، بعد رحلة طويلة مع المرض، وما جاء في نفسي عند كتابة مقال الثلثاء، هو تلك العلاقة الجميلة التي ربطت بين أم زوجي رحمها الله وبين هذه المرأة.
كانت صداقتهما أقرب إلى الأخوات من دون وجود رابط الدم والنسب، فلقد كانت أمّ زوجي متعلّقة بتلك الأخيّة، التي حملت همّها وسعدت لسعادتها. كانت ناصحةً نصوحة، تحبّ الخير لها ولأسرتها، وقد بادلتها «صالحة» الغالية المشاعر ذاتها، ولم يفرّق بينهما إلا موت أمّ زوجي.
أتذكر عندما كنتُ عروساً صغيرة، حضرت «شميّة» عرسي، وكانت سعيدةً كسعادة أم زوجي، ولم أرَ الحقد يوماً في قلبها أو عينيها، بل كانت مرحة طيّبة القلب. الدنيا لم تكن ثقيلةً كثقلها هذه الأيام.
ونحن على رغم يقيننا بأن الموت حق، إلاّ أنه يؤلم القلب ويُقطّع الفؤاد، عندما يرحل إنسان غالٍ على قلبك، وقد كان هو الصديق وهو القريب، فإنّك تشعر بالتعاسة، ولا تجد لها مخرجاً، مهما حاولت التهرّب من ذلك الشعور وتلك الغصّة، فإنّها ستظل تلازمك، إلى أن يمحو الزمن الألم، ويُبقي على الذكريات.
هذه الذكريات الجميلة التي تخزّنها في باطن عقلك، وتظهرها عند الحاجة إليها، وعندما تجد موقفاً مشابهاً لها، ولكن بالطبع تلك المواقف لا ترجع بل تذهب بخبرات تجعلك تكبر وتخبر الناس أكثر فأكثر. لقد لحقت «شميّة» بالغالية «صالحة»، وأظن أنّهما معاً الآن كما كانتا في السابق، ولكنهما تركتا مشاعر ومواقف ولحظات لن تُنسى أبداً، ولن يمحو الزمن بصمتهما في حياتنا جميعاً، فمع أنّهما كانتا بسيطتين، إلا أنّهما كانتا من زمن الأوّلين، زمن الحب بدون مقابل، والحب بدون كراهية في القلب، فلم نجدهما تحقدان على أحد بسبب مذهب أو طائفة، فجميع من بالحي كان يحب بعضه البعض!
يا تُرى متى آن لقلوبنا أن تنظف وتكون ناصعة البياض مثل هاتين الحبيبتين؟ ويا تُرى متى سنتخلّص من الطائفية البشعة، مثل «صالحة» و «شميّة»؟ لقد علَّمَتَاني الحب بدون مقابل وشروط، فهل تعلّمتُ منهما فعلاً؟ وهل تعلّم من حولهما ذلك؟
سنفتقدهما بالفعل، ونحن مفتقدون ذلك الأصل الطيب، والقلب الأطيب، والمشاعر الراقية، التي ابتعد فيها الإنسان عن الشرور، وحطّ مكانها الإنسانية فقط، لا لشيء وإنّما بسبب الفهم الصحيح لمعنى هذه الكلمة.
فلنتعلّم منهما وممّن يحب وطنه، البساطة والمشاعر البعيدة كل البعد عن الكراهية والبغض والحقد، فمتى وصل الإنسان إلى تلك المشاعر الجميلة، فإنّه لن يكون في يوم من الأيام إنساناً عادياً، بل إنسانٌ يضع بصمته ويذهب عن الدنيا، ولكنّه لا يفارق قلوب الأحباب.
فإلى الرفيقة الغالية «شميّة»، أُهديكِ هذه الكلمات، وعسى الله أن يثبّتكِ عند الحساب، فلقد كنتِ من المؤمنات الصادقات. ولا أختم إلا بالدعاء: اللهم ارحمها واعفُ عنها، وأكرم نزلها، ووسّع مدخلها، واغسلها بالثلج والبرد، ونقّها من الذنوب والخطايا، كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، واللهم جازِها بالإحسان إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً. اللهم آمين
مريم الشروقي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3426 - الثلثاء 24 يناير 2012م الموافق 01 ربيع الاول 1433هـ
|
خدمات المحتوى
|
تقييم
|
|
|