منذ زمن بعيد والأمة العربية خصوصا والإسلامية عموما تتعرضان لأزمات كارثية قاسية، وهجمات إجرامية تستهدف كيانهما ووجودهما بغية دفنهما للأبد. ففي الوقت نفسه الذي تحتشد فيه قوى الشر، للفتك بما تبقى لدى هذه الأمة من قوة من أجل السيطرة على مقدراتها من قبل عدوها الأول صهاينة الشرق والغرب، وعلى رغم كل التحذيرات التي تطلقها الدول الصديقة للفت انتباهنا إلى الخطر المقبل، فإننا «العرب» أبينا قادة ورؤساء ونواب للشعوب العمل على درء هذا الخطر المقبل بجدية وبحث كيفية التعامل مع تداعيات خلافاتنا. ففي حين يجتمع رؤساء الدول وتعقد اللقاءات والمؤتمرات لبحث سبل حل المشكلة المفتعلة والعالقة بين جمهورية العراق وصهاينة الغرب والشرق، نصرّ نحن على ما اختلفنا عليه ويشتم بعضنا الآخر ونؤجج صراعاتنا ونمكّن أعداءنا في المزيد من السيطرة على أراضينا وبحارنا وسمائنا بحكم خوف كل منا من غدر الآخر، ولذلك يركن كل رئيس دولة إلى أن يمكن ويوفر كل التسهيلات لذلك العدو الذي فرّق بين هؤلاء الإخوة في النسب والدين ليسود ويستولي هو على كل شيء.
والآن، ألم يحن الوقت بعد لنوقف هذا الإقناع نحو الانتحار الجماعي لنرى ماذا حصدنا على مرّ التاريخ من أعدائنا لإخواننا الذين يصدقوننا القول؟ وماذا حصدنا من صداقتنا لأعدائنا الذين يكذبون علينا ونصدقهم؟ ألا ترون أننا نفتت ونتحلل إلى لا شيء؟!
اغتالوا الدولة الإسلامية وفتتوها إلى دويلات ثم زرعوا دولة «إسرائيل» لتعطيل تطور المنطقة بشريا واقتصاديا، وعملوا على زرع الشكوك لمنع أي تقارب بين الدول العربية والإسلامية لإبقائها مفككة وضعيفة.
اغتالوا مشروع الوحدة العربية حينما أفشلوا وحدة مصر وسورية وسعوا إلى تخريب وإفقار منجزات كل دولة عن طريق منافسة صناعاتها المحلية والقضاء عليها لضمان تابعيتها لهم.
والآن بعد أن تفتتت الأمة إلى دول والدول إلى قبائل وأحزاب معارضة جاء الدور المرسوم لهذه الأحزاب كي تتصارع، وها هي أميركا وبريطانيا تهيئان مسرح تلك الجريمة من خلال هجمتهما الشرسة الحالية على بغداد من دون أدنى رحمة أو أن يخفق لمخططيهما قلب على ما يمكن أن يجري ويحدث للمدنيين من شعب العراق، فمهما يحصل أو يحل من مصائب فلا يهم بالنسبة إلى أولئك القلة مادام أبناؤهم وشعوبهم ينامون قريري العين
علي محمد جبر المسلم
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 205 - الأحد 30 مارس 2003م الموافق 26 محرم 1424هـ