جديد الصور
جديد البطاقات
جديد الأخبار
جديد الجوال
جديد الفيديو
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
|
04-03-15 01:28
ليس هناك أصعب من الشُهرة، إذ بينها وبين السعادة كثير من الاتّفاقيات من أجل الوصول إلى السعادة المنشودة، وهناك نخبةٌ من المشاهير الذين التقينا بهم في البحرين، نأسف لحالهم في بعض الأحيان، فهم لا يستطيعون العيش أو العمل براحة، لأنّ الجميع يلاحقهم، إمّا طمعاً في مال، أو في سلطة أو تمصلح أو... أو.
ومثال بسيط جدّاً في حياتنا اليومية، الشهير جداً لا يستطيع الوقوف عند الإشارة بانتظار “السَيْد” لكي يتحرّك إلاّ إذا كان متخفّياً، فهو ما إن يكشف عن نفسه حتى تجد المتابعات والمضايقات حوله تخنقه، وبالتالي لا يستطيع الحصول على أبسط حرّياته.
وكذلك هو مضطّر إلى التصرّف بأسلوب معيّن أو المشي بطريقة معيّنة، وكذلك يحتاج إلى الدبلوماسية في كل وقت، فهي صاحبته أينما حلّ وحطّ، ناهيك عن المصوّرين والمذيعين ومحرّري الأخبار، أولئك الذين يغوصون في كل كبيرة وصغيرة في حياة ذاك الشهير، فتجعله يحرص حرصاً شديداً على إبعاد علاقاته وحياته اليومية، حتى لا تتعرّض للمكاشفة، على عكس ذاك الشخص البسيط، الذي يقوم بما يريده من دون تسليط الضوء عليه.
لا ننفي أنّ الطبيعة البشرية تحب الشهرة والمال، فلقد وضع الله المال قبل البنين في كتابه عندما قال في الآية القرآنية: “المالُ والبنون زينة الحياة الدنيا”، ولكن دعونا نضع أنفسنا مكان الشخص المشهور، ولننظر كيف ستتغيّر حياتنا وعاداتنا، فالمشاهير محرومون من صغائر الأمور التي نقوم بها بشكل يومي وتلقائي، وأبسطها “كأس شاي الحليب”، فالبحريني الموظّف عادةً يأخذ كأس شاي الحليب في سيّارته، ويبدأ يومه بالراديو في السيّارة، وهو يرشف الكأس من دون بروتوكول ولا تتبّع، وهو أمر يصعب على المشاهير تحقيقه!
في بعض الأحيان هذه الصغائر تجلب لنا السعادة. نعم، قد نتذمّر من الوقوف لدقائق في “السيد”، أو نتأخر ساعة أو ساعتين بسبب الزحام، وقد نقول في خاطرنا لماذا نحن نشقى والنعيم لغيرنا، ولكن لو دارت الدنيا وأصبحنا من المشاهير، سنُحرم من أبسط الأشياء التي في متناول أيدينا وتجلب لنا السعادة ونحن لا ندري!
مساكين هؤلاء المشاهير، فهم في دوّامة، لأنّ الثقة صعبٌ اكتسابها، وأكيدٌ أنّ التعامل مع بعض النّاس أعطاهم خبرة بعدم الثقة بأحد، فالثقة ما إن تنكسر لا ترجع، أو قد ترجع بصعوبة جداً، لأنّ حب الآخرين والعطاء من غير مقابل ليس صفة سهلة نراها كل يوم حولنا للأسف الشديد!
وأيضاً ما إن يبدأ هؤلاء حياتهم، حتى تبدأ الاتّصالات تلو الاتّصالات والمقابلات تلو المقابلات، فالأكثرية تطلب والأكثرية تريد، أحدهم يريد دفع فاتورة الهاتف، وآخر الكهرباء، والبعض يريد درجة، وغيره يريد شئوناً أخرى يعلمها الله، ولتحقيق المطالب ينشغل المشهور بالنّاس وطلباتهم.
وفي الأخير تنتهي الشهرة، وتنتهي مطالب النّاس ومصالحهم، وما يبقى إلاّ ذاك المحب الذي أحبّ المشهور من دون مقابل، ولا تبقى إلاّ تلك العلاقة التي بُنيت من دون تدخّل للمصلحة، هذه العلاقة يضع عليها المشاهير أسئلة كثيرة، حتى يصلوا إلى أنّ الذي أمامهم أحبّهم وودّ قربهم لا لشيء إلاّ لشخوصهم فقط. وجمعة مباركة.
|
خدمات المحتوى
|
مريم الشروقي
تقييم
|
|
|