“بغيناها طرب وصارت نشب” هذا المثل الشعبي الدارج ينطبق على تعاملنا نحن جميعا مع الهواتف النقالة.. فالهواتف النقالة التي اخترعت في الأصل لكي تريحنا وتجعلنا على اتصال بالأسرة والمجتمع دونما عناء وأينما كنّا.. هذه الهواتف أصبح أكثرنا مدمنا عليها أكثر من إدمان بعضنا على المخدرات والعياذ بالله.
أصبح الكثيرون منا لا يكتفون بهاتف نقال واحد، وإنما في جيبه أو على مكتبه هاتفان نقالان إن لم يكن أكثر، وأضحى الجميع أسرى لهذه الهواتف.. ففي المجالس تجد كل واحد منّا منكبا على هاتفه، يقرأ الرسائل التي ترده من المعارف والأصدقاء ويرد عليها، وهو في عالم غير العالم المحيط به.. أصدقاؤه بالمجلس يتناقشون في القضايا العامة والخاصة ويحتدم بينهم النقاش، وهو “خبر خير” غارق في “المسجات” والمكالمات وكأنه ليس في المجلس بين أصدقائه ومعارفه. وفي المنزل فالطامة أكبر.. أصبحنا بسبب الهواتف النقالة لا نتكلم مع أفراد الأسرة واختفى ذلك التواصل الاجتماعي بين أفرادها، وأصبح الابن يكتب لأصدقائه “المسجات” وربما يكون بعضهم خارج البلاد وفي أقصى الدنيا دون أن يكلف نفسه عناء الحديث مع والده أو والدته، وأمست البنت تسهر في غرفتها الخاصة مع القنوات والفيديوهات التي تتلقاها عن طريق هاتفها النقال دون أن تكلف نفسها الاجتماع مع أهلها ومشاهدة التلفاز في الصالة الرئيسية للمنزل.
والخطورة من كل ذلك الإدمان على الهواتف النقالة أن الكثيرين من أبنائنا وبناتنا ضعفت أبصارهم من كثرة التمعن في الشاشة الصغيرة للهواتف النقالة التي تستمر ساعات طويلة من الليل والنهار، بل ربما أصيب البعض منهم بالانهيار العصبي نتيجة لذلك.. كما أن على الأب أن يستعد في نهاية كل شهر لدفع الفواتير الباهظة لهواتف أبنائه وبناته النقالة، وهي فواتير تكسر الظهر وتذيب الشحم واللحم نتيجة لهذا الإدمان، علاوة على انهيار العلاقة الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة.
والغريب في استخدام البعض لهذه الهواتف النقالة داخل محيط الأسرة الواحدة، أن البنت ربما كلمت أختها في نفس المنزل وفي الغرفة المجاورة عن طريق “المسج” دون أن تكلف نفسها الذهاب إليها ومناقشتها فيما تريد، بل إن البعض يذاكر دروسه عن طريق “المسجات”.
أليست هذه كارثة ونتائج سلبية سيئة نتيجة الاستخدام الخاطئ للهاتف النقال.
فارحموا أنفسكم يا أبناءنا ويا بناتنا وارحموا آباءكم وأمهاتكم من هذا الإدمان ومن هذا المرض الذي اسمه الهاتف النقال.