لا نستغرب عندما يطعن الغرباء بنا، ولكننا نستغرب حين يطعن بنا الأقرباء. وقد لا تكون الطعنة مؤلمةً، ولكنّها تدل على ألم هؤلاء الأقرباء من ناحيتنا، فهل جرّب أحدكم طعنة الأقرباء؟
إنها طعنةٌ تُبعد الأحباب، وتغلّظ القلوب، وتجعلهم بعيدين كل البعد عن بعضهم البعض، ويخسر الطاعن أهله وأحبابه. ففي الوقت الذي سيحتاج إليهم لن يجدهم بجانبه، كوقت عزاء أو زواج أو حتّى في لحظات عمر قد تكون من أهم اللحظات لديه.
قد يكون أحدهم غاضباً من موقف بدر من أحد الأهل، ولكن كثرة القيل والقال والتنطّع في الكلام تجعل المشكلة تزيد عن حدّها، وينسى الغاضب قصوره وتقصيره، ويلتفت إلى شخصنة الموضوع، وبالتالي يجر معه فجوة كبيرة.
نصيحة منّا... لا تستمعوا إلى من يريد الهدم، ولا تنصتوا إلى من يثرثر بالكلام وينشر الكذب ويتفنن في التقوّل على الناس، وعندما يخبركم أحد الارضة بأمر، فلا تذهبوا يمنةً ولا يسرة، بل اتّجهوا إلى الشخص نفسه واسألوه إن كان قال وزاد وكذب وانتهى، وحينها ستنظف القلوب، وقد ترجع العلاقة وقد لا ترجع!
مشكلة بعض الناس أنه يظن بأنّ سلاطة اللسان والوقاحة قد تنفعانه في الأزمات، ناسياً بأنّ الأقرباء هم الموجودون في الشدّة، وهم من يفرحون لفرحه، وهم الذين يحزنون لحزنه أو ألمه. ففي وقت غضب قد تقول إنّي أحتقرك، ولكن هذه الكلمة الجارحة لن تخرج من القلب المجروح، بل إنّها تدخل وتستقر إلى أجل ما!
اتّصلت بنا إحدى الأخوات تشكو من موقف في بيتها، وقد عرفنا منها بأنّ القيل والقال والنميمة والحمق جعلتها تخسر من كان ينصحها ويصلح بينها وبين أقربائها، ولكننا للأسف لا نعلم بأهمّية الأهل والأقرباء إلاّ بعد فوات الأوان.
هذه نقطةٌ من بحر، وهي أمور تحدث في البيوت، والبيوت أسرار، ودائماً هناك طرفان للقصّة، فعلى سبيل المثال الاخفاق في تربية الأبناء، يعزو الأب الاخفاق في التربية إلى الأم، لأنّها دائماً مشغولة وغير متواجدة، في حين تعزو الأم إلى عناد الأب وضعف شخصيّته وبعده عن الأبناء وهو حاضر!
وبين هذا وذاك لا يعلم الحقيقة إلاّ أهل البيوت أنفسهم، وإن كانت هناك خلافاتٌ لم تُحل، فوجب على الطرفين السعي من أجل الإصلاح بينهما، أو اللجوء إلى توسيط توسيط طرف آخر، وإن لم يستطيعا فليس هناك حلّ إلا أبغض الحلال ألا وهو الطلاق. وجمعة مباركة.