صحيفة مدينة الحد الالكترونية
الجمعة 29 مارس 2024

جديد الصور
جديد المقالات
جديد البطاقات
جديد الجوال
جديد الأخبار
جديد الصوتيات




جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الأخبار

جديد الجوال

جديد الفيديو

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

02-02-13 09:17

«أم حمد» هي إحدى الشخصيات المؤثّرة في حياتي، وقد قمتُ بالاتصال بها فورَ علمي بوفاة والدتها، وكانت المعاناة تسبق صوتها المتحشرج، وقد ذرفت دموعها الحارّة عبر الهاتف على أمّها، فلقد كانت هي مثالها في الحياة وصديقتها في الشدّة قبل الفرح، وكانت هذه الأخت لا تفتأ تتكلّم عن أمّها وكأنّها قصّة في عالم غير عالمنا.

كانت أم حمد تتكلّم عن أمّها بفخرٍ وحبٍّ لا مثيل له – ومن منّا لا يتكلّم عن أمّه إلاّ بمعاني الإعجاب والتقدير - وعندما كبرت أمّها وأعياها المرض، تقاعدت من أجل المكوث بجانبها، فلطالما قامت أمّها وأمّهاتنا بتأجيل أمورهن الحياتية المهمّة من أجلنا، وحانت اللحظة لرد الجميل الذي لن نستطيع ردّه في يوم من الأيام.

وحيث إنّنا لا نعلم بمدى (غلاة) الأم إلاّ عندما نفارقها، فلقد وددتُ التحدّث عن الأم «ست الحبايب»، هذه الأم التي تعبت وشقت وعانت الأمرّين وعلّمتنا صنوف وفنون التعامل مع الحياة، دون أن تطلب منّا أو تطالبنا، وما نصنعه لها في حياتها إلا زيادة التعب والشقاء وقلّة الحيلة وعبء المسئولية، فنحن كبار ولكننا صغار عند حضنها، وعن نفسي لا أعتقد بأنّي كنتُ سأستطيع مواصلة حياتي بالطريقة التي أعيشها اليوم، لولا هذه الجميلة الحبيبة التي نسمّيها «حلوة اللبن».

«أمّي»... لا تحرموا أنفسكم من هذه الكلمة، فتكرارها كل يوم يصبح عادةً في بعض الأحيان، ولكن باستشعار معانيها سنجد طعم هذه الكلمة الرقيقة، هذه الكلمة التي إن توقّفنا عنها تعني أنّ أجمل ما في الحياة قد مات، وأروع ما لدى الانسان قد اختفى، فلنحرص على تكرارها واستشعار معناها والبر بصاحبتها.

في بعض الأحيان تشغلنا الحياة عن أمّهاتنا، فلا نجلس تلك الجلسة الطويلة معهن، ولا نتواصل بالكلام ولا بالضحكات، ونستكثر عليهنّ الكلمة الطيبة التي قد تجعل يومهّن سعادةً، وما نقول لهنّ إلاّ السلام عليكم ومع السلامة، وفي بعض الأحيان لا نقولها البتةّ، فنحرم أنفسنا متعة هذا الحضن الدافئ.

جلستُ مع أمّي قبل يومين، وأخذت ألاحظ ذلك الوجه الذابل المسن، الذي كبرَ مع الأيام، وتغيّرت معالمه، وتلمّست يدها الملساء الناعمة التي أصبحت مجعّدة، وتأمّلت الدنيا التي تدور، فحتّى أمي القوية التي ظننتها ستعيش العمر كلّه، هرمت يوماً بعد يوم، وباتت حتى هذه اللحظة عجوزاً تنتظرني كل يوم، وتسألني إن كنت تغدّيت أم تعشّيت أم لا.

أحبّكِ يا أمي، ومهما انشغلتُ عنكِ فلتعلمي بأنّكِ كنتِ ومازلتِ نجمتي المفضّلة، راقية وقويّة لا يهزّكِ من ألم الدنيا شيء، عودتني أنا وأخوتي أن نكون أحراراً مهما كانت الظروف، فإليك وإلى أم حمد وإلى أمّهات أهل البحرين أهدي هذه الكلمات. وجمعة مباركة.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1168



خدمات المحتوى


مريم الشروقي
مريم الشروقي

تقييم
5.50/10 (2 صوت)




Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

صحيفة مدينة الحد الالكترونية
جميع الحقوق محفوظة ل صحيفة مدينة الحد الالكترونية


الرئيسية |الصور |المقالات |البطاقات |الملفات |الجوال |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى