صحيفة مدينة الحد الالكترونية
الجمعة 29 مارس 2024

جديد الصور
جديد المقالات
جديد البطاقات
جديد الجوال
جديد الأخبار
جديد الصوتيات




جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الأخبار

جديد الجوال

جديد الفيديو

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

03-11-12 07:19

«حلوة اللبن» مصطلح قديم نطلقه إيحاءً لـ «أمّهاتنا»، وهو مصطلح يعني تقديراً للاتي أرضعننا وربيننا وحرصن على مصلحتنا، فخرجنا من هذه الدنيا بهوانٍ، فساعدننا حتى اشتدّت سواعدنا، وأصبحنا أقوياء، نتحمّل أعباء الدنيا وهمومها.

مناسبة الحديث عن «حلوة اللبن»، ليس لأنّ اليوم هو يومها، وليس بسبب عارض طرأ علينا في شأنها، ولكن لاحظنا على إحدى الفتيات كثيرٌ من الأمور المؤلمة بعد وفاة أمّها، فلقد كانت هذه الفتاة ذات 11 ربيعاً، أميرةً في منزلها، وليس لها في دنياها إلاّ أمّها، هي الصاحبة وهي الأخت وهي الحضن الحنون، وشاءت الأقدار أن تأخذ الأم من ابنتها، لتوافيها المنيّة، وتتحطّم حياة الابنة.

فهي الابنة الوحيدة، والأب يعمل في إحدى دول الخليج، وتحتاج الفتاة إلى مواصلة الدراسة في الوطن. وقد قدّر الله أن تحتضنها إحدى الأخوات - وهي مشكورة على ذلك كل الشكر - لتساعد الأب في عمله الشاق وألمه اللانهائي، حتى تربّي هذه الفتاة، ولكن كما تعلمون، لا أحد يستطيع أن يسد مكانة الأم، ولا أحد بوسعه محو الألم الذي سيلازم الفتاة طوال عمرها، وخصوصاً أنّ الأم أجنبية غريبة عن هذه الأرض.

تذكّروا جميعكم تلك الأيّام التي كانت تعنّفكم فيها أمّهاتكم على أمور صغيرة، وكنتم تعتبون عليها تارةً، ولا تسمعون لها تارةً، وتسمعون كلامها أحياناً أخرى. إنّ هذه الأيام هي التي صنعت ما أنتم عليه اليوم، فالأم متواجدة أكثر من الأب في حياة الطفل، بسبب طبيعة عمل الأب أو حياته وانشغالاته، ولكن كما هو معروف بأنّ الأم هي المربّي الأول والمغذّي الرئيسي للأخلاق والعادات والتقاليد وقيم الدين، وعليه فإنكم كنتم محظوظين بتواجدها بينكم، واستفدتم حتى آخر رمق في عمرها بما تنصحكم وتوجّهكم إليه.

هذه الفتاة لم تسر الحال عندما رأيناها، فهي ذاتها بجسدها، ولكنّها ليست كتلك الفتاة التي نعرفها، فلقد أضحت اليوم مكسورةً غاضبةً، ولا تدري كيف تواري هذه المشاعر، وندعو الله أن يلطف بحالها وأن يُذهب عنها السوء، لأنها أحوج ما تكون إلى رفع الأيادي والدعاء لها.

فقدان الأم من أصعب أنواع الآلام، وهو فقدٌ يضاهي فقد النفس ذاتها، فلنرجع جميعنا إلى أمّهاتنا، ولنحاول إصلاح ما بيننا، حتى لا تضيع لحظة نتحسّر فيها على ما فات، فـ «حلوة اللبن» شقت وسهرت وعانت من أجلنا، وآن الأوان اليوم حتى نقبّل رأسها ويدها ورجلها على ما قامت به من أجلنا، وهذا ليس بخساً بمكانة الأب، لأنّها محفوظة، ولكن حتى نتذكّر ذلك التنبيه وتلك النصيحة وذلك التأنيب، فلولا وجود هذه المعطيات لما استطعنا النهوض من انكسارٍ حدث في حياتنا، ولما واصلنا حياتنا بشكلها الطبيعي اليوم.

ليحفظ الله «حلوة اللبن» وليجعل مقامها جنّة الفردوس على ما جرّعتنا إيّاه طوال حياتها، وعلى التضحيات التي قامت بها من أجلنا، وليجعلنا الله من البارّين بأمّهاتنا وبآبائنا، فهم من يحتاجون اليوم إلى عطفنا وحبّنا وبرّنا، بعد أن وهنَ عظمهم وشابت رؤوسهم وضعفت ذاكرتهم. وجمعة مباركة.

مريم الشروقي

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1128



خدمات المحتوى


مريم الشروقي
تقييم
9.01/10 (12 صوت)




Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

صحيفة مدينة الحد الالكترونية
جميع الحقوق محفوظة ل صحيفة مدينة الحد الالكترونية


الرئيسية |الصور |المقالات |البطاقات |الملفات |الجوال |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى